الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

روسيا في سورية والدلالات بالنسبة لإسرائيل (2) المعركة العسكرية وانطلاقة المسار الدبلوماسي عدكان استراتيجي"، مجلد 19، عدد 2، تموز/يوليو 2016 عاموس يدلين - مدير معهد دراسات الأمن القومي [تعالج هذه الدراسة، المكونة من خمسة أقسام، موضوع التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سورية ودلالاته بالنسبة لإسرائيل. وهي تتناول :: أولاً - أهداف التدخل الروسي. ثانياً - الجانب العسكري/ الدبلوماسي/ الدولي. ثالثاً - الإنجازات والإخفاقات في كفتي الميزان. رابعاً - علاقات روسيا مع اللاعبين الإقليميين والدوليين. خامساً - الانعكاسات على مصالح إسرائيل وقد نشرت في عدد سابق من "المختارات" (5/8/2016) القسم الأول، وانشر فيما يلي القسم الثاني، على أن يليه في أعداد لاحقة بقية الأقسام ::- شارك في الحملة الروسية في سورية آلاف الجنود الروس، بعضهم مقاتلون وغالبيتهم من وحدات الخدمات [اللوجستية] والصيانة، الذين رابطوا أساساً في القاعدة البحرية في ميناء طرطوس وفي قاعدة سلاح الجو في "حميميم" في شمال سورية. ومن ناحية العتاد الحربي، شارك في الحملة عشرات الطائرات الحربية [مقاتلات هجومية وقاذفات من أنواع مختلفة] ومن بينها (طائرات Tu 160، وTu 95، وTu 22، وSu 35، وSu 30، وSu 25، وSu 24)، ومروحيات (من طراز Mi 35، وMi 28، وKa 52)، وطائرات بلا طيار. وضمت قوات الأسطول الروسية المشاركة في الحملة سفنا حربية من أحجام مختلفة (فرقاطات، وسفن كورفيت [متعددة المهام ومزودة بصواريخ مجنحة]، وزوارق سريعة للدوريات، وحتى غواصات). أما معدات التجسس التي استخدمت في الحملة فقد ضمت قوات بحرية (سفينة من فئة "المريديان" لجمع معلومات استخبارات الإشارات (SIGINT) واستخبارات الاتصالات (COMINT)، وقوات جوية (طائرات من طراز Tu-214R، وIl-20M1) ومعدات أرضية (أنظمة رادار متطورة، وأنظمة حرب إلكترونية منتشرة وقوات خاصة). كما جرى استخدام قذائف صاروخية، وصواريخ، وصواريخ مجنحة حديثة من طراز "كاليبر" (Kaliber). وعلاوة على ذلك شملت القوة الروسية نصب منظومات دفاع جوي متطورة (منظومة صاروخية من طراز S-300 تطلق من منصات بحرية، والمنظومة المتطورة للغاية S-400). وبلغت كلفة الحملة العسكرية حتى ربيع عام 2016 ما يتراوح بين 500 و600 مليون دولار. وفي ذروة العملية الروسية نفذت الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات الجوية في اليوم. وبلغ مجموع الطلعات الجوية أكثر من 9000 طلعة. وأسفرت عن الإنجازات التالية :: تقليص ملحوظ في مساحة المناطق التي يسيطر عليها المسلحون وضربات جسيمة للبنى التحتية ولمنشآت صناعة الطاقة (تضررت مداخيل المسلحين من النفط ومشتقاته). وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان(SOHR)، في غضون الحملة، من شهر أيلول/سبتمبر [2015] وحتى إعلان الانسحاب في أيار/مايو [2016]، أسفرت الغارات الروسية عن سقوط نحو 4500 قتيل، من بينهم أكثر من 1700 من المدنيين ونحو 200 من الأطفال. وفي هذا السياق، في معرض الإعلان عن تقليص الوجود العسكري الروسي، أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى أن القوات الروسية "قتلت أكثر من 2000 مسلح من أصل روسي، ومن بينهم 17 قائد ميداني. وعلى صعيد الخسائر البشرية التي تكبدتها القوات الروسية :: لم يفد الجانب الروسي بشكل منتظم عن سقوط قتلى، لكن هناك معلومات تفيد عن سقوط 12 قتيلاً في صفوف الجيش الروسي. والقتيل العملاني الأبرز كان قائد الطائرة [سوخوي - 24] التي أسقطها الجيش التركي (قتل على أيدي مسلحين في شمال سورية بعد أن قفز من الطائرة). بالإضافة إلى ذلك، أفيد عن سقوط قتيلين روسيين كانا يقاتلان كمرتزقة، ولعلهما عنصران في إحدى الوحدات الروسية السرية التي تقاتل في سورية منذ بعض الوقت. وقتل طياران روسيان إضافيان في تحطم مروحية هجومية بسبب عطل فني في 11 نيسان/أبريل 2016. ووقعت الخسائر البشرية الأخيرة للجيش الروسي في محيط مدينة تدمر في 9 تموز/يوليو، عندما أسقطت مروحية من طراز Mi 25 على أيدي قوات المتمردين، مما أسفر عن مقتل طيارين كانا على متنها. بالمقارنة مع معارك جوية حديثة شهدها العقد الأخير (قطاع غزة، اليمن، الحملة العسكرية التي يخوضها الغرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" - داعش)، يستطيع الروس أن يقولوا إن المعركة الجوية تكللت بالنجاح. والجدير بالذكر أن معركة جوية يمكن أن تغير مجرى الحرب، لكن من أجل تحقيق كامل أهداف الحملة الجوية مطلوب تآزر وتعاون فعال مع قوة برية على الأرض. وقد ترافق القتال الجوي الروسي مع هجمات برية منسقة مع قوات موالية للنظام السوري، وقوات إيرانية، وميليشيات شيعية وقوات حزب الله. كما أن الحملة الجوية بحد ذاتها تستوجب وجود ظروف مسبقة تسمح بنجاحها بفعالية. وقد أدرك الروس أهمية الكتلة الحرجة (critical mass) من الهجمات، وضرورة الاعتماد على استخبارات نوعية، وسمحوا لأنفسهم بالعمل وفقا لقواعد استخدام قوة نارية متحررة من اعتبارات تفادي إصابة الأشخاص غير المشاركين في القتال. وقصارى القول، الحملة الجوية المدعومة بقوات برية غيرت اتجاه الحرب وأفضت إلى وقف إطلاق نار وإلى إطلاق مسار سياسي بشروط لم تقبل بها المعارضة السورية قبل الحملة الجوية. وينبغي لفت الانتباه إلى أن الروس أوجدوا غلافاً دفاعياً فعالاً واقياً من هجمات برية ضد منشآتهم الرئيسية :: قاعدة الأسطول البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في اللاذقية. ونفت روسيا أنباء حول إصابة طائرات تابعة لها في قاعدة "التياس" في محافظة حمص. إن ضآلة الخسائر البشرية الروسية وحقيقة أنه لم يقع أي طيار روسي حيّاً في قبضة المسلحين سمحا للروس بالمحافظة على التأييد الشعبي للحملة في الداخل الروسي أيضاً. والثمن الذي دفعه الروس، المتمثل بتحطم طائرة ركاب مدنية فوق شبه جزيرة سيناء [في تشرين الأول/أكتوبر 2015] لم يربط مباشرة بالحرب في سورية، ونجح القادة الروس في تقديمه لشعبهم كمبرر لتدخلهم العسكري وليس كثمن له.

from سوريا يا حبيبتي أعيدي لي كرامتي http://ift.tt/1BIwxtO
via IFTTT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق