الأربعاء، 10 أغسطس 2016

روسيا في سورية والدلالات بالنسبة لإسرائيل 3) الإنجازات والإخفاقات في كفّتي الميزان عدكان استراتيجي"، مجلد 19، عدد 2، تموز/يوليو 2016 عاموس يدلين - مدير معهد دراسات الأمن القومي تعالج هذه الدراسة، المكونة من خمسة أقسام، موضوع التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سورية ودلالاته بالنسبة لإسرائيل. وهي تتناول :: أولاً - أهداف التدخل الروسي. ثانياً - الجانب العسكري/ الدبلوماسي/ الدولي. ثالثا - الإنجازات والإخفاقات في كفتي الميزان. رابعاً - علاقات روسيا مع اللاعبين الإقليميين والدوليين. خامساً - الانعكاسات على مصالح إسرائيل وقد نشرت في عددين سابقين من "المختارات" (5/8/2016) و(9/8/2016) القسمين الأول والثاني، وانشر فيما يلي القسم الثالث، على أن يليه في أعداد لاحقة بقية الأقسام :: بعد أكثر من ستة أشهر على الحملة العسكرية الروسية، يجدر التوقف عند ما حققه التدخل الروسي. أولا، الخطوة الهجومية التي أقدمت عليها روسيا جعلتها بكل وضوح عنصراً قيادياً في كل ما يتعلق بمستقبل سورية. فروسيا هي التي تملي التطورات في الحلبة، سواء العسكرية أو السياسية. وعلى الساحة الدولية عاد الروس إلى صدارة المسرح الدولي، بل وحتى أنهم قدموا أنفسهم كقوة مؤثرة في الساحة الدولية بإستطاعتها أن تسهم في حل نزاعات كبيرة في العالم. وقد قال بوتين (في 7 نيسان/أبريل 2016) إن جهود روسيا في محاربة الإرهاب العالمي ساعدتها على تحسين علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم. - ثانياً، إن شكل النشاط الروسي، الذي يدمج بين خطوات عسكرية وخطوات دبلوماسية، أثبت استخداماً صحيحاً لقوة عسكرية كأداة فعالة لتحريك منظومات معقدة "عالقة". - ثالثاً، أنقذ الروس النظام العلوي من خسارة الحكم في سورية. وبذا يبعث الروس برسالة إلى حلفائهم (الحاليين والمحتملين) مفادها أنهم حلفاء جديرون بالثقة وسينقذونهم في وقت الشدة. ومع ذلك، في الوقت الذي تنم رسالتهم عن استعداد للتنازل عن هوية الحاكم، لكن ليس عن هوية النظام، يرسلون إشارة إلى لاعبين آخرين بأنهم مستعدون لتقديم تنازل، في مقابل استعداد غربي لتقديم تنازلات في مواضيع أخرى. وبإعلانهم عن "انسحاب"، خفف الروس من تطلعات الأسد، الذي حقق عدداً من الانتصارات الملفتة على الأرض بدعم روسي وشيعي فتصلبت مواقفه خلال المفاوضات في مواجهة المعارضة السورية. ومع ذلك، يوضح الروس من خلال إبقائهم الجيش الروسي في سورية أنهم يمتلكون قوة رادعة في مواجهة تصعيد مستقبلي لقوات المتمردين. ويشكل الروس قوة تدفع باتجاه تسوية مبنية على توازن القوى وعلى الإقرار بأن أي طرف ليس قوياً بما فيه الكفاية ليحرز الانتصار على الطرف الآخر في ساحة القتال. على الصعيد العسكري، أثبت الروس أن جيشهم خضع لتحديث كبير، وأنه يمتلك قدرات عملانية وتكنولوجية جيدة جداً. الوسائل القتالية ومنظومات الأسلحة التي استخدمها الجيش الروسي كانت الأحدث، واجتازت معمودية بالنار واُتيح اختبارها في ظروف معارك حقيقية. واستخدام مجموعة واسعة من منظومات أسلحة روسية هو بمثابة ترويج لمبيعات الصناعات العسكرية الروسية التي توظف ملايين العمال، والتي يمكنها في المستقبل أن تكون مصدراً واسعاً لإيرادات بالعملة الصعبة في صفقات أسلحة مستقبلية. كما اكتسب الجيش الروسي خبرة قتالية مهمة. وأخيراً، عززت روسيا مكانتها كدولة عظمى واكتسبت تقديراً لقوتها العسكرية بعد سنوات من التآكل، وذلك في أوقات يتصاعد فيها التوتر بين روسيا وبين دول مجاورة لها في الاتحاد الأوروبي، وفي مواجهة حلف الناتو. وفي مقابل الإنجازات الكثيرة، يمكن تعداد بضع مجالات لم يحقق فيها الروس أهدافهم الاستراتيجية. أولا وقبل كل شيء، لم تفض العملية الروسية في سورية إلى حسم أو استقرار، بالنظر إلى استمرار القتال في المدى القصير. فوقف إطلاق النار جزئي فقط، والقتال متواصل ويحصد مزيداً من الضحايا (مئات من المدنيين القتلى منذ وقف إطلاق النار). وهناك عراقيل أمام نقل المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف السوريين المحتاجين لها، والمساعدات التي تنجح في العبور تنهب في الأغلب من قبل قوات الجيش السوري. وعلى المستوى الاستراتيجي، معظم إنجازات روسيا في الحرب الأهلية في سورية هي شعورية [تتصل بوعي الناس] وهي قصيرة المدى. وللقتال الروسي مساهمة حاسمة في تدمير الدولة السورية وبناها التحتية. ولا يمكن أن نبالغ في تقدير حجم المجهود والموارد المطلوبة لإعادة إعمار سورية عندما تضع الحرب أوزارها. كما أن روسيا ساهمت بشكل كبير في تدفق اللاجئين والنازحين السوريين- وهم طاقة بشرية مهمة وضرورية لإعادة إعمار سورية في أي مشروع حل مستقبلي. * هل أنجزت المهمة؟ وإذن، بعد أن غيروا مجرى المعركة في سورية، استعاد الروس مكانة قوة كبرى عالمية، وأوضحوا أن أهميتهم في منطقة الشرق الأوسط لا تقل شأناً عن أهمية الولايات المتحدة، واختبروا منظوماتهم القتالية الجديدة – وفجأة أعلن الروس في منتصف آذار/مارس 2016 أنهم يسحبون قواتهم من سورية بشكل جزئي وفوري (فجأة مثلما فعلوا عندما أعلنوا تكثيف تدخلهم في سورية، قبل ستة أشهر). لقد قرر بوتين أنه حقق أكبر قدر ممكن من الإنجازات، معتبراً أنه إذا استمرت الحملة بكامل طاقتها فإن المخاطر والتكاليف قد تلغي تلك الإنجازات. وبعد الإعلان عن سحب القوات الروسية من سورية في منتصف آذار/مارس، يتبين أن الأمر يتعلق بتناوب بين القوات وبملاءمتها لطابع القتال المتغير، أكثر مما يتعلق بإنتهاء النشاط الروسي في البلاد. فالطائرات التي عاد ثلثها إلى أرض روسيا واستقبلت بحفاوة رسمية، حلت محلها مروحيات هجومية ملائمة أكثر لدعم تقدم وحدات قتالية برية (مروحيات من طراز Mi 35، وMi 28، وKa 52)، بل إن هذه المروحيات نقلت إلى قواعد أقرب إلى خط القتال بهدف زيادة قدرتها على القتال لأطول مدة ممكنة، وبهدف تقصير زمن وصول الإسناد الجوي لقوات برية. وبالإضافة إلى ذلك، تساند قوات روسية برّية الجيش السوري والتحالف الذي يقاتل إلى جانبه. فقد ساعدت قوات روسية في إعادة احتلال مدينة تدمر، والتقطت صور تظهر قوات روسية من سلاح الهندسة "تنظف" المنطقة من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعت في المكان من قبل قوات "داعش" قبل انسحابها. وتفيد التقارير الروسية بأن قوات مؤلفة من كتيبتين (نحو 800 مقاتل) ستبقى على أرض سورية في كافة الأحوال من أجل حماية القواعد الروسية، وأيضاً ستبقى منظومة الدفاع الجوي الصاروخية المتطورة S-400 في الأراضي السورية. وعلاوة على ذلك، أفيد بأن سفن الأسطول الروسي، التي اجتازت مضيق البوسفور ذهاباً وإياباً بين روسيا وسورية، كانت حمولتها وهي مبحرة إلى سورية أكبر من حمولتها وهي عائدة إلى موانئ روسيا. وتصريحات القادة الروس تعزز هذه النقطة بشأن مستقبل قواتهم في سورية، سواء بالنسبة لقوات الحماية أو لقوات الهجوم، وحتى بالنسبة لمدة بقائها. وفي هذا الإطار، قال سيرغي إيفانوف (قائد الجيش) في آذار/مارس إن روسيا ستحرص على حماية أمن وسلامة الجنود الباقين في سورية. وتوسع في هذا الموضوع نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف فأشار إلى أن القوات الروسية ستواصل هجماتها ضد مواقع الإرهابيين. وقال رئيس حكومة روسيا، دميتري ميدفيديف، في آذار/مارس، في مقابلة مع مجلة "تايم" [الأميركية] إن روسيا لا تنوي إيقاف حملتها العسكرية قبل أن يتمكن حلفاؤها في دمشق من ضمان سلام بـ"شروط مرضية". إن بقاء قسم من القوة الروسية في سورية يضمن استمرار تأثيرها على ما يحدث هناك، ويحول دون تغيير مجرى الحرب مجدداً. إن خطوة إنهاء القتال لم تصطدم بنقد داخلي في روسيا، لا سيما وأنه مثلما سبق ذكره 81% من المواطنين الذين شملهم استطلاع الرأي في الربيع يؤيدون انسحاباً روسياً جزئياً من سورية. إن سحباً جزئياً للقوات هو رسالة واضحة إلى الأسد مفادها أن روسيا لن تبقى في سورية لفترة طويلة بالشكل الحالي، ولا تعتزم أن تحارب أعداء الحاكم العلوي بدلاً عنه لأجل غير مسمى، وأيضاً ليس إلى أن يحقق انتصاراً مطلقاً في ساحة القتال. هذا بيان واضح بشأن حدود التدخل الروسي وكذلك بشأن أهداف الحملة، والغاية منه تليين موقف هذا الحاكم قبيل المحادثات مع المتمردين، و "تشجيعه" على التوصل إلى تسوية متفق عليها بالنسبة لمستقبل سورية.

from سوريا يا حبيبتي أعيدي لي كرامتي http://ift.tt/1BIwxtO
via IFTTT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق