الخميس، 11 أغسطس 2016

روسيا في سورية والدلالات بالنسبة لإسرائيل 4) العلاقات بين روسيا واللاعبين الإقليميين والدوليين عدكان استراتيجي"، مجلد 19، عدد 2، تموز/يوليو 2016 عاموس يدلين - مدير معهد دراسات الأمن القومي تعالج هذه الدراسة، المكونة من خمسة أقسام، موضوع التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سورية ودلالاته بالنسبة لإسرائيل. وهي تتناول :: أولاً - أهداف التدخل الروسي. ثانياً - الجانب العسكري/ الدبلوماسي/ الدولي. ثالثاً - الإنجازات والإخفاقات في كفتي الميزان. رابعاً - علاقات روسيا مع اللاعبين الإقليميين والدوليين. خامساً - الانعكاسات على مصالح إسرائيل] وقد نشرت في أعداد سابقة من "المختارات" (5/8/2016) و(9/8/2016) و(10/8/2016) الأقسام الأول والثاني والثالث، وأنشر فيما يلي القسم الرابع، وفي عدد لاحق القسم الخامس، وهو الأخير] * روسيا والعالم السني يبدو للوهلة الأولى أن الحلف الروسي مع إيران وحزب الله، والمساعدة الروسية المرتبطة بالأسد، اللذين أفضيا إلى تعزيز المحور الشيعي، كان من المفترض أن يلحقا الضرر بعلاقات روسيا مع العالم العربي- السني. بيد أن روسيا أحسنت المناورة تجاه عدد كبير من الدول السنية وعلى رأسها العربية السعودية، ومصر وتركيا. وتستخدم روسيا في مواجهة القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مجموعة كبيرة من الوسائل، الإيجابية والسلبية، الموجودة بتصرفها في سياستها الخارجية. بالنسبة للعربية السعودية، فإنه على الرغم من أن الدولتين هما على طرفي نقيض في موضوع مستقبل الأسد والعلاقات مع إيران، توجد لهما مصالح متشابهة، وهي تشمل مسائل الطاقة وتصدير منظومات أسلحة [روسية للسعودية] ورغبة السعوديين في كسب دعم قوة عظمى إضافية لهم. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى زيارات وزير الدفاع السعودي المتكررة إلى روسيا والعلاقة الوثيقة التي تربطه بالقيادة الروسية، وسعي الدولتين لبلورة اتفاق طاقة يلزم أطراف متعددة بعدم زيادة معروض الخام، فضلاً عن إمكانية تعاون مستقبلي بين روسيا والعربية السعودية في مجال استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. وفي السياق المصري، تجدر الإشارة إلى أن إطار تحسين العلاقات بين روسيا ومصر يشمل صفقة [بناء محطة] نووية لتوليد الطاقة لأغراض مدنية وأيضاً صفقات أسلحة كبيرة. وفي مقابل محاولة تحسين العلاقات مع العربية السعودية من خلال خطوات إيجابية، هناك دولة بارزة أخرى في العالم السني، هي تركيا التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا. وسبب الأزمة التي فاقمت منحى التباعد بينهما كان إسقاط طائرة سوخوي Su 24 الروسية في منطقة الحدود الشمالية - الغربية لسورية مع تركيا. واعتبر الأمر من قبل الروس استفزازاً متعمداً من قيادة تركيا، مما أثار رداً سريعاً وشاملاً من روسيا. وعقب إسقاط الطائرة الحربية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 صعدت روسيا خطواتها العقابية ضد تركيا، ولا سيما في المجال الاقتصادي. وتقدر الكلفة التي تحملتها تركيا جرّاء الخطوات الروسية حتى الآن بأكثر من 10 مليار دولار في مجالات الزراعة والسياحة والطاقة. وعقب إسقاط الطائرة بدأ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يطرح باستمرار في مقابلاته وتصريحاته مواضيع تصوّر تركيا بشكل سلبي مثل دخول الجيش التركي إلى داخل الأرض السورية، وغارات تركية ضد مناطق مدنية ما وراء الحدود، وبناء مناطق أمنية عازلة جنوبي تركيا، وتسلل مسلحين عبر حدود سورية الشمالية. وقد ساعد إسقاط الطائرة الروسية فوق جنوب تركيا الروس على تعزيز صلاتهم بجماعات كردية في سورية. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015 دعمت روسيا القوات الكردية بهدف دفع أهدافها قدماً وكوسيلة لمناكفة تركيا، وأيضا لإضعاف تأثير تركيا في تشكيل تسوية مستقبلية في سورية. وفي هذا الإطار أشار وزير الخارجية الروسي أكثر من مرة إلى أن إشراك الأكراد في المفاوضات حول مستقبل سورية ضروري لضمان مستقبل مستقر في الدولة، وألح في الأمم المتحدة على رفض الخضوع لـ"إملاءات خارجية" (تركية) في ما يخص إشراك ممثلي الأكراد في المحادثات. وشدد دميتري بيسكوف، الناطق بلسان الكرملين، على هذه النقطة بقوله :: "باعتقادنا يجب أن تكون المحادثات شاملة للجميع [inclusive]، أي أنه يجب على جميع أطراف النزاع أن تكون ممثلة فيها، ومن ضمنهم الأكراد، وذلك لكي يحدد جميع السوريين مستقبلهم ومصير حكومتهم. وينبغي أن يكون الجميع شركاء في القرارات". ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الضغط الروسي المركّز على تركيا فعل فعله على ما يبدو. فقد أرسل الرئيس التركي أردوغان، في إطار سياسة قائمة على حل النزاعات مع دول قائدة في المنطقة (روسيا، إسرائيل، ومصر)، رسالة اعتذار عن حادثة إسقاط الطائرة، وقدم الروس دعوة رسمية إلى وزير الخارجية التركي للمشاركة في اجتماعات منظمة BSCO في "سوتشي"- وقبلت الدعوة بترحاب. وبعد بضعة أيام، تحادث زعيما البلدين هاتفياً. وفي الختام، من خلال استخدام مجموعة أدوات إيجابية (سواء أدوات صلبة مثل صفقات أسلحة أو أدوات ناعمة مثل تعزيز العلاقات الدبلوماسية) وأدوات سلبية (مثل الضغط الاقتصادي والدبلوماسي)، قرّبت روسيا دول منطقة الشرق الأوسط من ترتيب علاقات ثنائية الأطراف قريبة من المواقف المفضلة لديها. وهكذا، يتبين أن روسيا تخطو على مسار يؤدي إلى تطور إيجابي مع مجمل الدول الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وهي تخفض إلى أدنى حد ضرر الانطباع السائد عن كونها حليفة الإيرانيين ونظام الأسد. * روسيا في مواجهة الولايات المتحدة والغرب من المهم تفحص السلوك الروسي تجاه الولايات المتحدة وتطور العلاقات البينية بين القوى الكبرى في السياق السوري. إذا كانت روسيا قد قوبلت في بداية التدخل بإدانة حادة من الولايات المتحدة وأوروبا، وتنبأ الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ"غرق الروس في الوحل السوري"، فما حدث لاحقاً بعد النجاح التكتيكي لروسيا وإدراك أن الروس يحققون أهدافهم على الأقل في المدى القصير، هو أن الأميركيين انتقلوا إلى محاولة استخدام النجاح الروسي كرافعة لدفع أهدافهم في مواجهة تنظيم "داعش" ولتحقيق تسوية تضع حداً للحرب الأهلية والمأساة الإنسانية في سورية. وقد جرى التوصل إلى تنسيق بري وجوي فعال وبدأت محادثات على مستوى وزراء الخارجية يستشف منها أن الحل المقترح لوقف الحرب الأهلية في سورية من قبل الأطراف المعنية ليس بعيداً جداً. مع ذلك، يبدو أن الفجوة بين القوى الكبرى لا تزال كبيرة. فالولايات المتحدة أبقت العقوبات المفروضة ضد روسيا في موضوع أوكرانيا على حالها، حتى بعد التقارب بين الدولتين في الشأن السوري (من المتوقع أن تمدد أوروبا مفعول عقوباتها [الأوكرانية] قريباً). وآلية الحوار الثنائي لا تعطي نتائج على الأرض. وعلى الرغم من ذلك، تحاول روسيا إظهار أنها طرف يبحث عن مخرج دبلوماسي ويسعى جاهدا للعمل من خلال تفاهمات مع الولايات المتحدة. وتقوم وسائل الإعلام الروسية بشكل متواصل بنشر تقارير حول تواصل وزير الخارجية لافروف مع نظيره الأميركي باستمرار، بل ويعلنون عن مبادرات للتعاون على الأرض بين قواتهم والقوات الأميركية. * من هنا، إلى أين؟ إن تعقيدات المواجهة في سورية تتجلى في حقيقة أنه تجري في سورية في آن معاً مسارات موازية ومعقدة، مع تأثير متداخل وإشكالي :: فمن جهة، هناك وقف إطلاق نار، ومن جهة أخرى، يتواصل القتال ضد "داعش" و"جبهة النصرة"، وفي موازاة ذلك، هناك مسار مفاوضات سياسي متعدد الأطراف يهدف إلى التوصل لتسوية سياسية ولكنه يجري ببطء شديد ومن دون حد أدنى من الثقة. ولمزيد من التعقيد، يتواصل نضال الأكراد في سبيل حكم ذاتي، وإيران وتركيا والعربية السعودية متورطة في النزاع بتدخل مباشر أو بصورة غير مباشرة، وكذلك القوى الكبرى العالمية. هناك ضرورة لدرس وتقدير إلى أين ستؤول إليه الأحداث في سورية، مع الإشارة إلى صعوبات التوصل إلى نهاية الحرب الأهلية وإلى تسوية تسمح بإعادة إعمار الدولة. وتكمن الإشكالية الرئيسية في تزامن وقف إطلاق نار مع استمرار الحرب ضد "داعش" و"جبهة النصرة". وحقيقة أن خطوط التماس بين مناطق يسري فيها وقف إطلاق نار وبين مناطق الحرب فيها مستمرة، غير واضحة المعالم تسمح للنظام والإيرانيين والروس بمواصلة القتال الذي يسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى من المدنيين ومن قوات المعارضة المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار. وتعاني محادثات السلام في جنيف من مشكلتين رئيسيتين :: لقد تعزز أمن النظام عقب إنجازات الحملة بقيادة روسيا، وفي المقابل، تبدو مطالبة المعارضة بتنحي الأسد عن الحكم غير قابلة للتطبيق. واستمرار ضربات النظام ضد جهات المعارضة المشمولة بوقف إطلاق النار يشكل هو أيضاً عقبة كبيرة لأي تقدم في المحادثات. وعلاوة على ذلك، هناك، من جملة مواضيع خلافية تباينات أساسية في الرأي حول مسألة من يشارك في النقاشات حول مستقبل الأسد ونظام البعث. وفي حين تتفق جميع الدول على أن تنظيم "داعش" ليس جديرا بأن يكون طرفاً مشاركاً في المحادثات، بقيت مشاركة جهات معارضة أخرى موضع خلاف. وأحد الأمثلة على ذلك هو إشراك الأكراد السوريين في المحادثات. وبينما تدعم الولايات المتحدة وروسيا القوات الكردية التي تقاتل "داعش" وتضغطان لإشراكها في محادثات السلام، لا تريد تركيا، التي لديها تاريخ معقد وعنيف مع الأقلية الكردية على أرضها وحتى مع الأكراد في سورية والعراق، رؤية الأكراد طرفاً شرعياً يأخذ حصة في تشكيل مستقبل سورية. وهناك نقطة خلافية أخرى هي البنية الجغرافية وبنية الحكم في سورية بعد إنتهاء الحرب. وبينما تكلم الروس في شباط/فبراير 2016 بلهجة حادة ضد تقسيم سورية، وأيدوا إبقاء سورية موحدة في حدودها الحالية كشرط لأي حل مستقبلي ولم يقبلوا حتى بالرد علنا على موضوع طبيعة التسوية المستقبلية، تبين لاحقاً أنهم يميلون لقبول مخطط فدرالي كحل مستقبلي. ومع ذلك، يقول المسؤولون الكبار الروس مراراً وتكراراً إن روسيا تؤيد أي اتفاق تتوصل إليه أطراف النزاع في سورية. وهكذا يمهدون الأرض لحل يحفظ بقاء نظام ملائم لهم، مع ترك إمكانية تنحي الأسد عن سدة الحكم كتنازل أمام مطالب الأميركيين. وحتى لو بدا أن جميع القوى معنية بوقف إطلاق نار وبدفع عملية سياسية لردم الفجوات فيما بينها، فإن استمرار هجمات النظام وحلفائه ضد قوى المعارضة المعتدلة سيؤدي في نهاية المطاف، كما يبدو، إلى انهيار وقف إطلاق النار فضلا عن إنهيار محادثات جنيف. وفي هذا الإطار أعلن مندوب المعارضة المعتدلة، محمد علوش، عن استقالته من المحادثات احتجاجاً على فشلها، بحسب قوله. وفيما يتعلق بـ"داعش"، القتال ضد التنظيم مستمر بمشاركة جميع القوى. وفي حين قلصت روسيا وجودها الجوي، نشرت الولايات المتحدة في المنطقة قاذفات ثقيلة من نوع B-52. وكثفت وجود عناصر القوات الخاصة المرابطة في المنطقة، وذلك بموازاة استمرار الضربات الجوية وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه من استعادة السيطرة على مناطق كانت في قبضة المسلحين. وعلاوة على ذلك، يجد تنظيم "داعش" نفسه في مواجهة صعوبات متزايدة في عدد من المجالات - العسكرية والسلطوية والاقتصادية- وكلها تضغط على التنظيم. وقد أوقفت هذه الصعوبات اندفاعته، بل وحتى أرجعته إلى الوراء. ومع ذلك، وعلى الرغم من بيانات القوات التي تقاتله، يدرك تنظيم "الدولة الإسلامية" أن الغرب وحتى روسيا غير مستعدين لإرسال قوات برية لمحاربته، وأيضاً الأنظمة السنية القائدة مثل تركيا والعربية السعودية ليست على عجلة لإرسال قوات برية لتحرير "عاصمته" الرقة. ويسعى "داعش" لمواجهة الإخفاقات في سورية والعراق عن طريق تنفيذ عمليات إرهابية استعراضية في أوروبا ونقل جزء ملحوظ من نشاطه إلى ليبيا. وقول الرئيس أوباما إن تنظيم "داعش" لن يهزم في الأشهر التسعة المتبقية لولايته في البيت الأبيض، وإصراره على موقفه من أنه لن يرسل جنوداً أميركيين إلى سورية، يسمحان للتنظيم بالتقاط أنفاسه. ويبقى مستقبل نظام الأسد مسألة مركزية في الدوائر الثلاث :: الداخلية -السورية، والشرق أوسطية التي تضم إيران وحزب الله في مواجهة السعودية وتركيا، ودائرة التباين بين القوتين الكبيرتين روسيا والولايات المتحدة. وفقط إذا قررت روسيا أن الوقت قد حان لتنحي الأسد عن السلطة (لصالح تسوية مع المعارضة أو الحصول على مقابل من الغرب في أوكرانيا)، مع الحرص على ضمان حماية العلويين ومؤسسات الدولة، وفقط إذا تمكنت من الحصول على موافقة الإيرانيين على هذه التسوية، سيكون هناك فرصة ما لإنهاء الحرب الأهلية في سورية. وفي هذه الحال، ستبقى هناك مسألتان رئيسيتان :: محاربة "داعش" والمسألة الكردية. وحقيقة أن هناك مصالح متشابهة بين الولايات المتحدة وروسيا في المسألتين تعطي أملاً، إذا وجد حل لمشكلة تنحي الأسد، بأن السير على طريق الحل سيكون أسهل.

from سوريا يا حبيبتي أعيدي لي كرامتي http://ift.tt/1BIwxtO
via IFTTT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق